Sunday 13 March 2011

يسعد صباحك يا عكا


للقدر أحيانا "نهفات" غريبة لا أفهمها. لا أعرف لماذا خلافا لباقي الأيام، أكون "مصحصحة" مئة بالمئة أيام العطل والآحاد بالذات. فأجدني أستيقظ قبل ديك جارنا المعروف بصوته الجعور، وحتى بدون الحاجة الى إبقاء منبّه هاتفي المحمول متنبها لإيقاظي كل خمس دقائق.
أحاول مرّة أخيرة أن أستردّ نومي، ولكن عبثا أحاول. إذ أشعر بنشاط وحيوية منقطعي النظير. أقرّر بدء يومي بكوب شاي أخضر، أمسك بكتاب كنت قد أزمعت على قراءته. أصعد الى "السطح"، أبحث عن بقعة أنتظر فيها ريثما تُكمل الشمس استيقاظها. غير أن جارتنا العزيزة وغسيلها المنشور، الى جانب ألواح الزينكو وأسلاك الكهرباء يحجبون عني رؤية ما تبقى من السماء بسلام، كون ابن "جارنا السابع" غريب الأطوار مهووس بالتجسس على "العالم" من منظاره!
أقرّر الجلوس مقابل حائط علّقت عليه صورة كبيرة لشاب فلسطيني يحمل علم فلسطين وكتب عليها "حق العودة لا يعلى عليه". أغمض عيناي بارتخاء لتركيز استمتاعي بالهدوء على ايقاع غناء عصافير جارنا الشيخ.
"كيف عم نطالب بالحرية ونحنا ساجنين عصافير؟.... ناديا من شان ملكوت السما حِلِّي عنِّي". أطرد جميع أفكاري، أُحكم إغلاق عيناي هذه المرّة. أنا الآن في حديقة منزلي الخلفية في عكا... أستمتع بهدوء صباح عكاوي معطّر برائحة الياسمين ومريمية مقدسية نابعة من كوب الشاي – فقد عدّلت رأيي عن الشاي الأخضر. "يسعد صباحك يا عكا".
على حين غرّة يقفز على حضني قطي. أؤنبه، ليس لأنه قطع حبل أفكاري، بل لأنّه "شرّف أخيرا"، لا أدري أين أمضى ليلته. أضعف أمام انكماشه، أعاود حضنه "ولك شو رح تعمل بكرا بس آخدك معي على عكا... لوين بدك تروح ها؟". لن يكون هناك مشكلة حينها، فقط علي أن أتأكد من ميوله الجنسية أولا وأحضر له قطة فلسطينية "موزّة" أو قط  ليستكشفا معا المنطقة!
أخيرا أشرع في قراءة الكتاب. يبدأ ابن جارنا الشاب بعادته الروتينية بكشّ الحمام. لا أملك إلا أن أشاهد اتقانه التواصل مع سرب الحمام الذي أطلقه للتو نحو السماء. وكيف يتحكّم في علوّ واتجاه الحلقات التي يسبح فيها سربه والوقت الذي سيهبط فيه، بحركة من يده وصرخة من حنجرته وصفيرة من شفتيه. أراقبه كيف ينتظرها جميعها لتدخل القفص، محكما إغلاقه. كأنّه يحاول القول لن أمنحكم حرّيتكم... حتّى نحصل عليها نحن أولا.

No comments: